عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2010, 01:59 AM   #1 (permalink)

shaer1961

عضو مجتهد
 




 
shaer1961 على طريق التميز

افتراضي



سورة الزخرف في الجزء الخامس والعشرين ، وترتيبها في القرآن الثالثةُوالأربعون . آياتها تسع وثمانون ، واكتسبتاسمها الذي خصها الله تعالى به منذ الأزل من الآية الخامسة والثلاثين المتابعةلمعنى الآيتين الثالثة والثلاثين والرابعة والثلاثين في قوله تعالى:

وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْيَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَايَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34)وَزُخْرُفًا ۚ وَإِنْ كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚوَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)

أورد القرطبي فيمعنى الزخرف : " الذهب " (وَزُخْرُفًا) " أَيْ وَذَهَبًاقَالَهُ اِبْن عَبَّاس وغيره . ثُمَّ بيّن تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن ذلك من الدنياالفانية الزائلة الحقيرة عنده سبحانه ، فعجّل بحسنات الكافرين في الدنيا من مأكلومشرب وملبس ليوافوا الآخرة وليس لهم عنده تبارك وتعالى حسنة يجزيهم بها كَمَاوَرَدَ بِهِ الْحَدِيث الصَّحِيح : "لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا تَزِن عِنْد اللَّهجَنَاح بَعُوضَة مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا شَرْبَة مَاء " وفي رواية الطبرانيّيقول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَوْ عَدَلَتْ الدُّنْيَا عِنْداللَّه جَنَاح بَعُوضَة مَا أَعْطَى كَافِرًا مِنْهَا شَيْئًا" وأكد ذلك سبحانه حينقال : " وَإِنْ كُلّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاع الْحَيَاةالدُّنْيَا " ثُمَّ صرّح سبحانه أنّ ثواب الآخرة العظيم للمؤمنينالأتقياء فقط ، فقال : " وَالآخِرَة عِنْد رَبّكلِلْمُتَّقِينَ"

فالثواب لَهُمْ خَاصَّة لا يُشَارِكهُمْ فِيه أَحَدغَيْرهمْ . ولهذا نفهم قول عُمَر بن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِرَسُولِاللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين صَعِدَ إِلَيهِ فِي الْمُشْرَبَةلَمَّا آلَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ فَرَآهُ عَلَى رِمَالحَصِير قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَاهُ بِالْبُكَاءِ وَقَالَ يَارَسُول اللَّه هَذَا كِسْرَى وَقَيْصَر فِيمَا هُمَا فِيهِ – من النعيم - وَأَنْتَصَفْوَة اللَّه مِنْ خَلْقه وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِوَسَلَّمَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ " أَوَ فِي شَكّ أَنتَ يَا اِبن الْخَطَّاب؟ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أُولَئِكَ قَوْم عُجِّلَتْلَهُمْ طَيِّبَاتهمْ فِي حَيَاتهمُ الدُّنْيَا " وَفِي رِوَايَة " أَمَا تَرْضَىأَنْ تَكُون لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَة ؟ " وَفِي الصَّحِيح أَيْضًاوَغَيْرهمَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لاتَشْرَبُوا فِي آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة . وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافهَافَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَة " وَإِنَّمَا خَوَّلَهُمْاللَّه تَعَالَى فِي الدُّنْيَا لِحَقَارَتِهَا
.

والأساليب التربوية فيهذه السورة المباركة كثيرة ورائعة نقف على قسم منها في هذا المقال مستعينين باللهسبحانه ، فنقول :

الأسلوب التربويّ الأول : جذب الانتباه كي لا يضيعشيء مما يقال ، فلا نبدأ بالحديث قبل أن ينتبه الحاضرون فلا تفوتهم فكرة ولا جملة ،وأساليب التنبيه كثيرة كما مرّ معنا في التأملات السابقة ، نذكر منها السؤال الذيلا يحتاج جواباً ، وتثبيتَ النظرات في وجوه السامعين مع التحية والسلام ، الجملَالمفتاحية التي اعتاد الآخرون سماعها في بدء الحديث ، ،،، وهنا نجد الآية الأولىالتي حملت حرفين تكرّرا " حـم "في سور سميناها " الحواميم " كما يجتمع في" حـم "أسلوب آخر هو التعظيم، لما ورد أنها من أسماء الله الحسنىقالها بعض المفسرين .

الأسلوب التربويّ الثاني : القسم ، ونجد القسم فيالقرآن الكريم عشرات المرات ، ووظيفته التأكيد ودفع الشكّ والريبة . ويؤتي القسمأُكُله حين يصدر عن عظيم لا شك في صدق قوله وصواب حديثه " والكتاب المبين" وللهسبحانه أن يحلف بما شاء فهو خالق الأشياء ومبدعها ، وهنا يحلف الله تعالى بالقرآنالكريم كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل ، المنزّل ِ على رسوله الكريم بالوحىالصادق المتعبّدِ به ، الذي عرّفنا بالله تعالى فآمنا به وأقررنا بربوبيته وألوهيتهفرضينا به رباً . وللعبد أن يقسم فقط بالله الخالق سبحانه لقول النبي صلى الله عليهوسلم " من كان حالفاً فليحلف بالله أو لِيصمت" فلا يُحلف إلا بالعظيم لتأكيد الصدقأولاً وليخاف الإنسان من الكذب حين يقسم بمن يعلم السرّ وأخفى ، فيتجنب الكذب . أماكثرة الحِلفان بسبب وغير سبب فدليل النفاق والادّعاء الكاذب . وأما الحلف بغير اللهكالشرف والمروءة والغوالي وما شابه ذلك من أمور تخالف الشرع فلا قيمة لها عندالمسلم الحق .

الأسلوب التربوي الثالث : أن تخاطب الآخرين بلغة يفهمونها وكلاممناسب لأفهامهم . فمهمة الحديث الإعلام والإفهام وتقريب المراد والوصول إلى الإيمانبه وتصديقه ثم العمل له والدعوة إليه . ولن يكون هذا إلا بمراعاة مقتضى الحال ،وهذه حقيقة البلاغة . وتقول الحكمة " خاطبوا الناس بما يفهمون " ، ولكل سنّ أسلوبخطاب ، ولكل مستوى أسلوب حديث ، فلا يُبسط الحديث ولا يُكرر مع الذكي فيملّ ، ولايُجتزَأ مع البسيط فيُغلق عليه . والداعية الناجح من عرف كيف يخاطب الناس جميعاًفيجذبهم ويتفاعلون معه . يقول تعالى: " وما أرسلنا من رسول إلابلسان قومه" لماذا أُرسل النبي بلسان قومه؟ " ليُبَيّنلهم" .(سورة إبراهيم ـ من الآية 4)

الاسلوب التربوي الرابع : التعظيم والتوقير هذا ما وجدناه قبل قليل في الأسلوب الأول حين أشرنا إلى عظمةالحرفين " حـم " ونجد التعظيم كذلك في قوله تعالى : " وإنه في أم الكتاب لدينالَعليٌّ حكيم"(الآية 4) فقدم القرآنَ الكريمَ للسامع بطريقة فيها هيبة وتعظيموتوقير ، فهو مثبت في اللوح المحفوظ عند رب العالمين ، فلا يتطرّق إليه الفسادوالبطلان والتحريف والضياع ، ولا التغيير والتبديل ولا الاختلاف والتناقض ، وقدوصفه بالعلوّ والحكمة ، كيف لا وهو عند الله تعالى في أم الكتاب ؟! . وبهذا التعبيرالواضح البيّن يقدمه للبشر قاطبة معظّماً مكرماً .

الأسلوب التربويالخامس : المتابعة وعدم اليأس . إن من يؤمن بهدف كريم مفيد يعمل على إيصاله للناسليستفيدوا منه ، فكيف لا يبذل جهده في ذلك وقد كُلـّف به ؟ والذي كلـّفه به ربالعزة سبحانه ؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد من يزهد في أمر مُهِم ّ لجهله به، فيضيعه عليه . وعلى المسلم الداعية أن يعمل جاهداً لتعريف هؤلاء الزاهدين بخطأانصرافهم عن الخير وتضييعهم إياه ، وهناك ناحية ثالثة لا بد من توضيحها ، فالداعيةحريص على الناس يريد لهم أن يعرفوا الحق فيلتزموه في الدنيا لينجوا في الآخرة منعذاب أليم . وليبين لهم أنه أنذر فأعذرفلا يعتذرون حين تقع الواقعة أنه لم يأتهمنذير ولم ينصحهم ناصح ولم يدلهم على الخير محب شفوق كما أنه أخيراً لاينبغي لأحد أن ييئس من الدعوة إلى الحق ولو كان المدعوّ مجافياً مجانباً لا يهتم



ولا يكترث قال عز وجل) أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أنْ كنتم قوماً مسرفين ( الآية (5(







shaer1961 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس