شكر الله على النعمة يعنى طلب المزيد منها ، وشكر الله على النجاح والتوفيق يعنى مزيدا منهما وحسبنا قوله تعالى{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
قَالَ الله تَعَالَى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ }
قَالَ الله تَعَالَى : {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}
فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد..
: (إن النعمة موصولة بالشكر ، والشكر يتعلق بالمزيد ، وهما مقرونان في قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد)..
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
تذكروا النعم، فإن ذكرها شكر
كلما شكرت نعمة تجدد لك بالشكر أعظم منها.
الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، و على قلبه شهودًا ومحبةً، وعلى جوارحه انقيادًا و طاعة..
وقال السعدي - رحمه الله - في تفسيره :
( الشكر اعتراف القلب بمنة الله تعالى ، وتلقيها افتقاراً إليها ، وصرفها في طاعة الله تعالى ، وصونها عن صرفها في المعصية )..
الفضيل بن عياض رحمه الله يقول:
عليكمْ بِمُلازَمَةِ الشكرِ علَى النِّعَمِ، فقَلَّ نِعْمَةٌ زالَتْ عَنْ قومٍ فعاَدتْ إِليْهِمْ.
كلما ازداد المؤمن إيماناً ازداد شكراً للناس،
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{ مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ} ..رواه أحمد والترمذي. قال الشيخ الألباني : ( صحيح )..
وفى رواية أخرى { مَنْ لاَ يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ اللَّهَ }
: قال الشيخ الألباني : صحيح..
وشكر الناس من شكر الله ،لأن الله أمرنا بشكرهم ،
والشكر من أفضل وسائل إدخال السرور على الناس ، وتوثيق الروابط فيما بينهم ، فالشكر يكسب الشاكر أصدقاء جدداً ، ويجعلهم فى حالة من السعادة والارتياح النفسي ، وعلى استعداد وترحيب دائم ببذل المزيد من العمل والجهد ، وتتعدد وسائل وفنون التعبير عن الشكر
وهو من أبلغ وأقوي أنواع الشكر ، ولهذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم الليل كله حتى تتورم قدماه ، رغم أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وعندما سئل في ذلك قال { أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا}..
وقال الله تعالى { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.
ومن وسائل شكر الله بالعمل سجدة الشكر لحديث { أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ أَمْرٌ فَسُرَّ بِهِ فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا.}
رواه الترمذي: قال الشيخ الألباني : حسن..
وأما شكر الناس بالعمل يعنى أن تكافئ من صنع لك معروفا بمعروف مثله أو أفضل منه ، تعبيراً عن امتنانك وشكرك لما قدم لك.
وهو التعبير بالكلمات عن الشكر والامتنان، ويجب علي الشاكر أن يتفنن في اختيار أرق وأجمل الكلمات لكي تصل عبارة الشكر إلي غايتها القلبية ، ومن أبلغ كلمات الشكر أن نقول للمشكور { جَزَاكَ اللهُ خَيراً }..
حديث أسَامة بن زيد رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَقَالَ لِفاعِلهِ : جَزَاكَ اللهُ خَيراً ، فَقَدْ أبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ )) . رواه الترمذي: قال الشيخ الألباني : ( صحيح )..
ويفضل أن يكون الشكر بالقول بصوت مسموع وواضح ، فهذا يضاعف من تأثير كلمات الشكر ، ويجب أن تنظر لمن تشكره ، فالتواصل البصري مهم في توصيل المشاعر والأحاسيس الصادقة ، وإذا كان الشكر على مسمع من آخرين فاذكر اسم من تشكره ولا تكتفي بكلمة أشكرك أو تقول علي سبيل المثال : نشكر من قام بهذا العمل ، فالأفضل أن تقول : و أريد أن أشكر السيد فلان علي جهوده في هذا العمل.
والابتسامة وسيلة من وسائل التعبير عن الشكر ، لها فعل السحر في النفوس في أثناء مشاغل الحياة اليومية .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم{ تَبَسُّمُكَ فِى وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ}
رواه الترمذي و ابن حبان: قال الشيخ الألباني : صحيح
وما أسهل كلمة {شكراً} مغلفة بابتسامة جميلة تأسر بها قلوب كل من يقابلك ويسدي لك خدمة ،أو معروفا مهما كان بسيطاً حتى ولو كان ذلك من واجبات عمله ،ابتداء من العامل البسيط الذي يفتح لك باب المصعد ومروراً بكل من يلقاك في الأماكن العامة أو العمل..
ورسالة الشكر أيضاً من الوسائل الجميلة في التعبير عن الشكر ، وتتميز باحتفاظ المشكور بها لتكون دليلا علي حسن تقدير الآخرين لعمله وجهوده.
وكثيراً ما ننسي أن نشكر أقرب الناس لنا،ومن نراهم من حولنا كل يوم في زحام الحياة ، وخاصة الآباء والأبناء الصغار
{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}..
فكلمات الشكر للصغار علي كل عمل يقومون به ، حتى ولو كان صغيراً ، تزيد من حماسهم وتساعد علي تنمية نشاطهم ومواهبهم وقدرتهم علي الإبداع والابتكار وتضاعف جهودهم في دراستهم..
وأخيراً وَبِقدْرِ دَوَامِ الشكرِ تَدوُمُ النِّعَمُ وتُدْفَعُ النِّقَمُ، واللهُ يحبُّ الشاكرينَ.